الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

الغزل في العصر الاموي

بسم الله الرحمن الرحيم
الغزل في العصر الأموي
الغزل في اللغة:
الغزل هو حديث الفتيان والفتيات، وقال ابن سيده: الغزل هو اللهو مع النساء.
الغزل في الإصطلاح:
الغزل هوالقصيدة من الشعر الذي يدور موضوعه على الحب والعشق، يعبر فيه الشاعر عن خلجات قلبه وما تضطرب به نفسه من عواطف وانفعالات نحو حبيبته.
والغزل هو حديث القلب إلى القلب، وفن التحدث إلى المرأة بلغة الحرقة والإشتياق مرة والتذلل والاستعطاف أخرى، وشكوى الدهر والعواذل أحيانا مع تصوير ما يستبد بالشاعر من يأس وأمل وقلق وهدوء وصدو ووصال، وقد أطلق على هذا اللون اسم "النسيب".
والغزل كذلك فن التحدث عن جمال المرأة خَلقا وخُلقا على براعة في الوصف والتودد والتشبيب، بيد أن الشعراء والنقاد يستعملون مفردات التغزل والنسيب والتشبيب بمعنى واحد، وهو هذا الفن الوجداني المعبر عنه عامة بلفظة "الغزل".
نشأة الغزل
لم تخل العصور الادبية السابقة من الغزل، ولكن في عهد بني أمية قد طما سيله لتوفر عوامله، ونحن نعني بالغزل هنا ما استقل بذاته ولم يأت وسيلة للكلام على غيره من أغراض الشعر المعهودة التي رأيناها في الجاهلية، وأصبحت بعد ذلك العهد تقليدا يجري عليه الشعراء في افتتاح القصائد المدحية وغيرها.
وهذا الغزل الجديد لانجده إلا نادرا في الشام والعراق، وذلك أن الشام أصبح مقرا الخلافة الأموية كما كان العراق مقرا المعارضة، فكان البلدان ميدان السياسة لا مقر السكينة والفراغ، وكان فيهما الغزل التقليدي على أسلوبه القديم، وإنما نشأ الغزل الجديد في الحجاز وما يليه من البلاد العربية الخالصة.



عوامل وأسباب تطور الغزل
لقد انحدر الغزل الاموي من الغزل الجاهلي، غير أن الغزل كان في الجاهلية غرضا من أغراض القصيدة يأتي في أبيات تقل أو تكثر، وتتوالى أو تتفرق، فلما إنحدر إلى العصر الأموي أتيح له شعراء وقفوا جهدهم عليه.
ومن الحجاز خرجت الجيوش العربية لفتح الأمصار فانفقت على المدينة كنوز الأرض كما اندفق عليها الموالي من فرس وروم وشاميين ومصريين، وكان ذلك كله عاملا كبيرا في إنشاء حضارة جديدة اختلط فيها العرب بالشعوب الأعجمية وغاص فيها عرب المدينة بالترف والثراء.
وما انتقلت الخلافة إلى بني أمية حتى تبدلت الحال بغيرها، فانتقلت السياسة من الحجاز إلى الشام، وقام أهل الحجاز في صفوف المعارضين لبني أمية فانصرف عنهم الأمويون ولم يستخدموهم في وظائف الدولة الكبرى إلا فيما ندر.
ثم أهال الأمويون على أهل المدينة الأموال الطائلة لصرفهم عن السياسة، كما كبحوا جماع البدو ومنعوهم من الغزوات والغارات، فكان من ذلك كله بيئة فراغ.
أما في البادية من نجد والحجاز فقد اجتمع الحرمان والكبح مع الفقر، وكانت نتيجة ذلك نغمة زهد أو ميل إلى المثل العليا، وكان هذا الميل قسمين: دينيا وغزلا عفيفا.
وأما في الحاضرة فقد اجتمع الياس مع وفرة المال والثروة، فكان أنباء المهاجرين والأنصار في مكة والمدينة مثرين، واليأس والثروة أنتجا اللهو والإسراف في اللهو، فقد نشأت طبقة من الشبان الفارغين كانت حياتهم الإجتماعية حياة مجون وإثم، ساعدهم على ذلك كثرة الرقيق وما انتشر في البلاد من ضروب الملاهي، ولا سيما الغناء وما صحبه من موسيقى فشت في المدينة فشوا واسعا جدا، وقد نهض الموالي من المغنين والمغنيات بهذا الغناء نهضة شديدة، واقترنت هذه النهضة الغنائية نهضة كبيرة في فن الشعر الذي يغنى ويصحب بالضرب والغرف على الآلات الموسيقية، وهو شعر يدور في أغلبه على الحب ووقائعه، وكان في أكثر جوانبه غزلا مكشوفا ينشر الفساد مع الغناء.



أنواع الغزل
كان الغزل في هذا العهد على نوعين:
1- الغزل البدوي أوالعذري
2- الغزل الحضري أو الإباحي
الغزل العذري
أما البدوي فهو غزل العذريين الذين يعتنون بالحب الأفلاطوني العفيف، فهذا النوع يتقرب اجمالا من التعفف ويبتعد عن الإباحة.
اكتسب اسمه من قبيلة بني عذرة التي كثر فيها الشعراء الذين إختار كل واحد منهم أن يقصر همه وشعره على امرأة واحدة يرى فيها وفي قربها سعادته وشقاءه، ثم لا يلتفت إلى امرأة غيرها أيضا.
والمفروض أن يكون الغزل العذري غزلا عفيفا، ولا ريب في أن الشعر العذري شعر عذب سهل محبب إلى النفس الإنسانية؛ لأنه في الواقع يمثل النزوع الموجود في كل نفس إلى الحياة الطبعية في البشر.
وهذا النوع من الغزل يمتاز بالبداوة التي تكسب رصانة في غير عنف ولاجفوة، وتكسب معناه سذاجة في غير سخف ولا إسفاف، وهو يمتاز أيضا بالصدق في وصف العاطفة وتمثيلها.
ثم إننا لا نجد في هذا الشعر شخصيات متمايزة متباينة بين أصحابه، فكله قد نسي نفسه أو فنى في موضوعه فناء محا شخصيته، فاختلط أمر هؤلاء الشعراء على الرواة، واختلط من ثم شعرهم، فأضيف إلى الواحد ما هو للآخر، هذا فضلا عن كثرة التواطؤ في هذا الشعر على المعاني الواحدة والألفاظ الواحدة والأسلوب الواحد.
ومن أهم شعراء هذا النوع هم:
1- جميل بن معمر صاحب بثينة
2- ليلى الأخليلة صاحب توبة بن حمير
3- المجنون العامري صاحب ليلى
4- قيس بن ذريح صاحب لبنى


الغزل الاباحي
وأما الحضري فهو غزل إباحي يتغنى فيها الشاعر بالحب وملذاته الجسدية منصرفا فيه إلى الوصف القصصي الواقعي ن غير خجل ولا حياء؛ فإنه لايكتفي فيه بشرح الأسواق وشكوى الفراق بل يتجاوز إلى ذكر محاسن الحبيب و ملذات اللقاء بجرأة وتطرف.
وهذا النوع هو في الأصل المبالغة في الحب العذري التي أدت إلى ظهور الشعراء المجانين، أولئك الشعراء الذين ذهب عقلهم في تلك الأوهام التي كانوا يشتحونها لأنفسهم في خيالهم، ومع أن الشعراء المجانين غير ثابت على القطع بشعرائه؛ فإن هذه الطبقة من الشعراء كانت موجودة وكان لها شعر يبدو أن بعضه اختلط ببعض.
ومن ميزات هذا الغزل عدم ثبات الشعراء علي امرأة واحدة بل کانوا دائمي النقلة کالنحلة من زهرة إلي اخري مما دعا الي کثرة الأسماء عندهم.
ومن أهم شعراء هذا النوع:
1- عمر بن أبي ربيعة
2- الأحوص
3- الوليد بن يزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق